نبأ له تَصلى القلوبُ وتخشعُ
وتفيض بالعَبرِ الجفونَ وتَهْمَعُ
نبأ تكادُ الأرض ترجف عنده
وتكاد ثَمَّ جبالها تتصدَّعُ
نبأ له طَفقَ الملوكُ بُغمَّةٍ
حيراءً تلهف ليلها وتفجَّعُ
أحسامُ أوصبَ هَمُّ يومكَ خاطري
والهمُّ يخطر بالقلوبِ فيلذعُ
أحسامُ أوجعني رَداكَ ولم أكن
قِدماً ليُوجعني مَصابٌ موجعُ
أحسامُ عَزَّ عليَّ فقدكَ من أخٍ
عَفِ الشَّمائلِ جوده ما يُقلعُ
للهِ أنتَ رَبيبَ تختٍ أرْوَعاً
قِدْماً نماه ربيبُ تختٍ أروعُ
سحقاً ليومكَ كم أراقَ وكم شَجا
دمعاً وقلباً قبله لا يجزعَ
ما خِلت أن الطودَ يُحمل قبل ذا
حتى يمرَّ عليَّ نعشك يُرفعُ
لا كانَ يومكَ يا ابن أُمّ فإنه
يوم أمَرُّ من الحمام وأفجعُ
لهفي عليكَ كلهفِ جيلٍ أصبحوا
تجتاحُهم نُوب الزمانِ وتقرعُ
لهفي عليكَ كلهفِ ضيف طارق
ألفى مُناخكَ وهو صِفر بَلْقَعُ
لهفي عليكَ كلهفِ راجٍ أصبحت
آماله بكَ وهي حَسرِي ظلَّعُ
لهفي عليكَ كلهفِ حيَّ لم يقُم
فيهم يضُّرك ما ذهبتَ وينفعُ
لهفي عليكَ كلهفِ أُمٍ بَرَّةٍ
فقدت جنيناً فهي ثكلى تنزعُ
لهفي عليكَ كلهِفِ طفلٍ قطعّت
منه العلائقُ فهو باكٍ يفجَعُ
لهفي عليك كلهفِ خيلٍ أصبحت
آذانُها لمصابِها بكَ تجدعُ
ضَعضعتنا أسفاً عليكَ ولم نكن
لولا رَدَاكَ لنكبةٍ نتضعضعُ
إن أمسِ مأثوماً بقتلكَ إنني
بكَ يا ابنَ سيّدِ يعربٍ لمُفَجَّعُ
قطعت يدي عمداً يدي وتوهمي
من قبل انَّ يداً يداً لا تَقطعُ
لا يُبعدنكَ الله ربكَ راحلاً
أضحى لنيَّةِ ذاهبٍ لا يرجعُ
ولعاً بجدّكَ من جَوَادٍ عاثرٍ
جَد الزمانِ له عَثور يَظلعُ
لما أتاحَ لك الإله منَّية
فإذا المنيةُ أقبلت لا تُدفعُ
ولقد تقود الصافناتِ شَوازبا
قُباً تَناقل في الشكيم وتَمزعُ
ولقد تجود بما ملكت وما اغتدى
شَادٍ بمدحك في المحافلِ يِصدعُ
حَسَّنْت تأتينَ المصاقعِ مثل ما
حسنتُ مدحاً فيك كان يُرَّصعُ
أأخي أذْلتَ مَصونَ دمعي فانبرى
يطأُ الخدودَ إذا يجود ويَهْمَعُ
أوحدتني وذهبتَ ثم تركتني
أبكي لفقدكَ كلَّ قبرٍ يوضعُ
كم قد ظللت على ضريحكَ باكياً
لو أن ذلكَ يا ابنَ تُبعَ ينفعُ
ولكم وقفت مسلمّاً ومكلماً
لو كان يعقل ميتٌ أو يسمعُ
تفديكَ من حَدَثِ المنيةِ أُسرتي
يا ابنَ الملوكِ وكلُّ مالٍ أجمعُ
قد كان سيفكَ قبل يومك قاطعاً
فغدَا بيومكَ نائباً لا يقطعُ
أحفظتني لفظاً أتيحَ منيَّةَ
خطرت ولم يك ثمَّ عنها مدفعُ
فاللهُ يجزيكَ الجِنانَ مثوبةً
منه ورَبَّكَ فهو نعمَ المفَزَعُ
فلأبكينَّك ما استحنَّ لإلفهِ
إلف وما غدت الحمائمُ تسجَعُ
أبلغْ بَني اللُّؤماءِ أن مهنَّدي
أمضى السيوفِ وأن عزمي أقطعُ
هل فيكم كأخي لديَّ جَلالةً
وهو الذي أضحى بسيفي مُصرعُ
فأنا النذيرُ لكلِّ قومٍ بعدها
مني بفاقرةٍ تَسُحُّ وتهمعُ
فذروا التعاظمَ واتّقوا مني فتى
كل الكماةِ له تذِل وتخضعُ
لا فرقَ بينكم وبين نسائكم
عندي وهنَّ لديَّ منكم أشجعُ
وكأنني بكمُ وقد جاءَتكمُ
والبيضُ تلمعُ والأسنَّة شُرَّعُ
كنعاجٍ توضحَ شَدَّ فيها ضَيغمٌ
فغدت نَوَافر شَتُّها لا يجمعُ
أو كالجَرادِ علا ففرَّق شمله
في ظلّ مُدْجَنةٍ حريقٌ زعزعُ
فلأنقلنَّ إلى الطغاةِ رَحى رَدىً
أبداً يدور بها الزمانُ المفجعُ
ولأنشئَنَ غمائماً من نقمةٍ
جُوناً ووابلها الذُّعاف المُنْقعُ
ثَهمي فأَيةُ لينةٍ لم تنقعر
لهم وأية قلعةٍ لا تقلِعُ
كيفَ التذاذى بالرُّقاد وها هنا
بيضٌ معطَّشة وطيرُ جُوَّعُ
وفوارسُ كأسود بيشة في الوغى
لا تنثني رَهَباً ولا تتكعكعُ
وقَناً خَواطرُ كلها خَطيَّةٌ
فيها سِنانُ كالمنارةِ يلمعُ
وسَوابق قُبُّ البطونِ كأنها
إن ثارَ عيثرها الذئابُ الهُرَّعُ
شرفُ الملوكِ على العبادِ لأنهم
قوم أبَاحهم الممالكَ تُبَّعُ
قومي بنو ماءِ السماءِ ودَوحتي
هُودُ النبيُّ نجارها والمَنبعُ
ولنا إذا ضَنَّ الغَمامُ مواهب
محمودة تشفي اللَّهاةَ وتنفعُ
رفع الإلهُ على النجومِ محلنا
واللهُ يخفض من يشاء ويرفعُ