أرَّق العينَ خيالٌ قد طرقْ
عجُزَ الليلِ وعِرنينَ الفَلقْ
زارَ جوَابيْ مَوامٍ عرّسوا
غِبَّ إدلاجٍ بأذيالِ الغسَقْ
مُسْلهمّينَ برى أجسامهم
قُحَمُ البيدِ وتَجواب الصَّلقْ
من جيبٍ طوَّحت عني به
نيَّةٌ ذات اغترابٍ ومَقَقْ
ليتَ شِعري يومَ زُّموا عيرهم
رُفقاً بالبُدْن يتَّبعن رُفَقْ
يومَ كاد البينُ أن يقتلني
حين لمَّا يَتَّرِكْ فيَّ رمقْ
أظهرُ الصبر فلا أسطيعه
وشؤونُ الدمع سكباً تستبقْ
أدرت موذيةٌ ما عَنَّ لي
حين أضمرت من البينِ شفقْ
لو دَرى الحادي بها أني بها
مغرم جعجعَ حبساً ورَفقْ
مَن لقلبٍ كلما قيلَ سلا
عاده عائد شوقٍ فخفقْ
ولجفنٍ كلما قيلَ غَفا
أو سيغفو زاره طيفُ الأرقْ
ولعينٍ كلما قيلَ رقا
دمعها أرفضَّ تُؤاماً واندفقْ
لهفَ نفسي لديارٍ بُدّلِت
بعد أهليها من الوحش حِزَقْ
ولقد يَغنى بها قبل النَّوى
وإذ الحيُّ جميع ما افترقْ
خُرَّدٌ عُنٌّ حِسان بُهَج
وُضَّح يسحبنَ أذيالَ السَّرقْ
لؤلؤَّيات الثَّنايا شُمّس
ناعمات عنبرَّياتُ العَرقْ
عطِراتٌ عَوهجّياتُ الطُّلى
خطرات نرجسيات الحدقْ
رُخَّص الأطراف عذبات الَّلمى
رجحَّ الأردافِ غضَّات فُنُقِْ
بَهكناتُ فاتنات نُهَّد
بدويات مغاوير عُشُقْ
يتعاهدنَ خِبا موذيةٍ
لسلامٍ إذْ كسا الليلُ الأُفقْ
وهي عَجزاءُ هضمٌ كشحُها
رخصة المِعصمِ غيداءُ العنقْ
أنا حتى الموتِ من سُكر الهوى
أيها العاذل فيها لم أفقْ
كيف يصحو من طلى الشوقِ فتىً
قلبه في شَرَكِ الحب علقْ
تَيَّمت قلبي بعينيْ فرقدٍ
مُفردٍ فاجأه الرعبُ لَهِقْ
وبخّدِ عَندمّيٍ واضح
بمياه الحُسن ريَّانَ شَرِقْ
وبكا لدّيجورِ فعمٍ فاحم
بأريج العنبر الورد عبِقْ
ولها سالفتا مُغْزلةٍ
آنست نبأةَ قنَّاصٍ حنِقْ
وقوامٌ ناعمٌ أعطافه
حسن الخطرة كالخُوطِ الورِقْ
غرق الخِلخالُ في مَدمجها
وعلى مهضومها الحَلي قَلقْ
ولقد تَبْسِمُ عن ذي أشُرٍ
مشرقٍ مثل الجُمانِ المتَّسقْ
عنبريِ النشرِ عذبٍ طعمه
آخر الليل مُدامٍ قد عَتقْ
رُبَّ يومٍ مُدجنٍ نازعتها
طيَّبَ الرَّاح بقصرٍ قد سَمقْ
كلما عللتُها من صفوةٍ
أشرقت وجهاً وخَلقاً وخُلقْ
وانبرت تسُمعني من نغمها
كغناءِ الوُرْقِ بالدَّوحِ الوَرقْ
برخيمِ السوت لو يسمعه
صائمُ الدهر تَصابي وصَعِقْ
ولقد أقضي اللُّبانات إذا
صام يومي وإذا جنَّ الغسقْ
بأمونٍ جَسرةٍ عَيرانةٍ
خَيْفقٍ توضح ظرَّانَ الصَّلقْ
ولقد أسعرُ نيرانَ الوغى
حين يخبو من لَظاها ما ائتلقْ
سلْ نبي عَمْروٍ وسائلْ عامراً
وعميراً حين تحمرُّ الحَدقْ
وربيعاً وبني كعبٍ وسَل
آلَ طّيٍ حين يشتدُّ الفَرَقْ
أفلم أرعف أنابيبَ القنا
عَلَقاً إذ تمطر الخيل عرقْ
أفلم أحسب بسيفي عَلَلاً
بعد نَهْلٍ من نجيعٍ منهرقْ
أفلم أترك قِريْني في الثرى
مجلخِداً حوله الطُير فِرَقْ
خرست أسيافُ أملاك الورى
وحُسامي بثنائي قد نطقْ
وعُمان إذ عَتَت واعصوصبت
قطعت كبراً وجهلاً وحرقْ
وأتت تسحب مُرَّان القَنا
فوق جُرْدٍ سُبَّقٍ ضمرٍ لُحُقْ
في ألوفٍ سبعةٍ لو زاحمت
ركنَ رضوى انهدَّ منه ما شَهَقْ
إذ مُلوك العُجم أكبا زندها
نبوةُ العزمِ وضنُّ بالوَرقْ
وملوك العربِ ذَلَّت رهبةً
وتداعت كتداعي المنهرقْ
فتقدمتُ وتحتي سابق
لو يجاري لامعَ البرق سبقْ
أعوجيٌّ شَيظمٌ كأنه
مجدل سُمَّق خَلقاً فسمَقْ
واسع الخُطوةِ جمّامُ الجَرى
أملس الصهوةِ بذَّاخ العُنقْ
مُشمخرٌّ عَتِد ذو ميعةٍ
يُعجب العينَ وتَصهالٍ صَلقْ
وبكفي مَشرفيٌّ باتر
مُرهف الحدَّينِ ما مسَّ فَلقْ
مستبدّاً لم أخف عاقبةً
ليس خوَّاضُ الوغى كالمرتفقْ
حين وارى عَيثرُ الخيلِ السَّما
واستمر الطعن واشتد القلقْ
ضارباً في جمعهم لم يَغشى
في التقاءِ الجمعِ طيش ونَزَقْ
فابذعرّوا واشمعلُّوا هرباً
رهبةً من حدّ سيفي وسبقْ
كجرادٍ عصف الريح به
فسعيدُ الحظّ منهم من سبقْ
فتجاوزت بعفوٍ عنهم
وإذا ما مَلك الحُرُّ عَتَقْ
أنا أحرى كلَّ ملكِ بالثَّنا
وربيع الناس في العامِ المحقْ
أصدق القولَ إذا أبديتُه
إنما يحرز حمداً مَن صدقْ
ولكم أغنيتُ من ذي فاقةٍ
خصّه الدهر شقاءً واغترقْ
وهزبرٌ باسلٌ ذو نخوةٍ
يورث الخيلَ ارتعاداً إن زَعقْ
مِسعر الهيجاءِ شرّيب الطّلا
محصَد النجدةِ وهَّاب الوَرقْ
نُشته بالقرنِ عرضاً فهوى
وعلى ثوبيه سَلحٌ وَعَلقْ
أنا من جرثومةٍ هوديةٍ
لو يراها قيصر الرُّوم برقْ
ملك من ملكٍ من ملكٍ
من ملوك تُرعَد الأرضَ فَرقْ
إن يكن عند ملوكِ الأرضْ قد
كسدَ المدح فعندي قد نفقْ
شرف من شرفٍ من شرفٍ
نافَ واستوسقَ عزاً واتَّسقْ
أهب الراجين ما أحرزته
وأخو البُخلِ بما حاز وثَقْ
قُل لأملاك الورى أين النَّجا
من هُمامٍ فتقُه لا يُرتتقْ
إنما عاجَ بكم عن طاعتي
قلُّ توفيقٍ عراكم وحَمقْ
غير مجد أتخذتم سُلماً
للسَّمواتِ وللأرض نفَقْ
غرَّكم شُغلي بتطلاب العُلى
واَّطراحِ العزم جهلا وخُرقْ
وكذا العيرُ متى ما يسمعن
بزئير الليث أدلى ونهقْ