زارتكَ رايةُ بعد حولٍ كاملٍ
فنَفَتْ همومكَ بالسرور الشاملِ
جاءتكَ بين مجاسدٍ وقلائدٍ
وأساورٍ وَدمالجٍ وخلاخلِ
أحيتكَ إذ حيَّتك بل أغنتكَ عن
شجِ التنائف بالأمونِ البازل
فتمزقتُ حُللُ الدُّجى وتضوَّعت
تلك البقاعُ بنشر ذاك الواصِلِ
بيضاء يصرعها الشبابُ كأنما
عَبثت بقامتها سُلافةُ بابلِ
ترنو بناظرةِ الفريد وتتقي
دَلاً بسالفةِ الغزالِ الخاذلِ
ملساءُ صفراءُ التَّريبِ كأنما
صَقلت ترائبها أكفُّ الصّافلِ
شمسيةُ قمريةٌ رشئَيةٌ
محفوفة بسرادقٍ جحافلِ
ومهالكٍ ومعاركٍ ومنازلٍ
وذوابلٍ وصواهلٍ ومناصل
ملأت محاسنُها القلوبَ وأتركت
عشقا بقلبكَ لم يكن بالزائلِ
إذ تستبيك بكالمنوَّرِ ناصعٍ
عذبٍ مَذاقته ودلٍ عاسِلِ
لم أنسها إذْ لا الوصالُ يشوبه
هجر وإذْ لا الدهرُ نَزْر النائلِ
أيام ريقُ فمِ الخريدة قهوتي
ومنازلُ الخودِ الشَّموعِ منازلي
والعيشُ أخضرُ والشباب مساعدٌ
والماءُ عذبٌ سائغ للناهلِ
ومُنايَ رايةُ لا تحلُّ بواجبٍ
مما أحبُّ ولا تميل لعاذلِ
جمح الزمانُ بها وبي وتواترتْ
نُوَبٌ أسنَّتها أصبن مقاتلي
فلعين راية في الظلام تعسُّفي
وتطوُّحي ببواجلٍ فهواجلِ
ولعين رايةَ أسال الِّدمَن التي
دَرست وأبكي كل نُؤيٍ ماثلِ
ولعين راية خُضت آذىْ الفَلا
بمكلفِّات كالقسّي ذَواملِ
من كل درفسةٍ أمُونٍ حُرة
تطِسُ الأكام وكلَّ فحلٍ راقلِ
ولعين رايةَ لا لعين خريدةٍ
كرّى إذا فرّت كماةُ قبائلِ
بل للمحامدِ والمراتب والعُلى
ولذُلّ كل عزيز قومٍ باسلِ
قولا لراية إذْ غشيتُ ديارها
قول امرؤ نجدٍ نجيبٍ فاضلِ
إني إذا التقت الجحافلُ لم أزل
أسطو على روح الكمبّي الصائلِ
ولرُبَّ خيلٍ خُضْت وهي مغيرةٌ
فغدت نوافر كالنَّعامِ الجافلِ
هَول أرادَ الهولُ يركب ردعه
تحت العَجاجةِ في المقامِ الهائلِ
ولكم صدمتُ كتائباً بمقانبٍ
ولكم هزمتُ جَحافلاً بقنابلِ
ولكم أمالت سطوتي من قائمٍ
ولكم أقامَ تكرُّمي من مائلِ
ولكم أناني مرملٌ ذو فاقةٍ
ومضى بسيْبِ نوافلٍ وفواضلِ
ولرُبَّ ذي شِعرٍ أتانيَ راجلاً
ثم انثنى بملابسٍ وصواهلِ
أنا كعبةُ الشعراءِ بل أنا ثروةُ
الفقراء بل أنا موردٌ للناهلِ
فبيمنتي يمنٌ وفي اليُسرى لهم
يُسرٌ وكلتا راحتيَّ لنائلِ
وأنا النذيرُ إلى الطغاة بأسرها
من حدِ سيفي المشرفيَّ الفاصلِ
قل للملوك ولا تحاشِ متوجاً
منهم وصدقُ القول فخرُ القائلِ
لا ملك أشرفُ في الملوكِ بأسرها
مني وهل طلٌّ يقاسُ بوابلِ
عِفُّ الإزارِ سليل ملكٍ أفْخَرٍ
ذيُ سؤدد عفّ الإزار حُلاحلِ