عُوجا المطيَّ على رُسوم المنزلِ
وقفا على الطَّلل القديم الممحلِ
واستمطرا سيلَ الشُّؤن فعله
يطفي غليلَ العاشق المتعلّلِ
دارٌ عَفت آيانها فكأنها
رقمُ الأعاجم في صفيح الجندلِ
أو خطُّ وَشْمٍ في رواهشِ كاعبٍ
غرَّاءَ ذاتَ تأوُّد وتدلَّلِ
فوقفتُ فيها ناقتي وكأنها
صعلٌ بذات الأثل أو في أوْرَلِ
وسألتُها فاستعجمت ولو أنها
نطقت لكانَ جوابها لم تسألِ
كيفَ السؤالُ وهل يردُّ جوابنا
طللٌ على مرِّ الليالي قد بلي
أقوى سوى نؤي وأشعثَ مُفَردٍ
ومناصبٍ سُفعٍ وأوْرَقَ محولِ
مَعجِتَ به هوجُ الرياح الزُّجلِ
وبه اسبكرَّ بفيض كلّ مجلجلِ
يا مَربعاً رَبعَ الزمانُ بأهله
أنَّي سلبتَ تجلّدي وتجمّلي
فأنعم صباحاً أيها الطَّللُ الذي
كنا به في خفض عيشٍ مخضلِ
أيام نحن عن الخطوب بمعقل
حامٍ وعن سعي العذولِ بمعزلِ
نلهو ونمرح بين بيضٍ نُهَّدِ
غيدٍ عطابلَ كالعواهج خذَّلِ
من كل مخطفة الحشا وهنانةٍ
قد زانها كحلٌ بغير تكحُّلِ
تفترُّ عن غُرٍ كأنَّ وميضه
برقٌ أضاءَ بعارضٍ متهللِ
ولها محيّا كالغزالة مشرقٌ
من تحت منسدل الغدائر مُرسَلِ
كالكْرمِ مال على الدَّعائم فاجمٌ
أو مثل قِنْوِ النخلةِ المتعثكلِ
كالغُصن فوق الدَّعصُ رُكَب فوقه
بدرٌ تلألأ تحت ليلٍ أليْلِ
ولرُبَّ يومٍ قد لهوتُ وليلةٍ
جذلا بها في ظلّ وصلٍ مقبلِ
ورشفتُ من فيها وقد غلب الكرى
ظلَماً ألذَّ من الرحيق السلسلِ
دعْ ذا وعَدَّ عن الديار وأهلها
والوصل والعهد القديمِ الأولِ
وانم القتودَ على ذَمُولٍ حُرَّةٍ
موَّارةِ الضَّبعين هَوْجا عندلِ
عَيرانةِ زيَّافةِ بنحيرها
حرفٍ هملَّعةٍ دفاقٍ هوجلِ
إن سُمتَها الأرقالَ يوماً أرقلت
كرماً أو استرقلتها لم ترقُل
كم قد فَروتُ بها التّنائفَ موضعاً
ليلاً وكم أوردتُها من مَنهل
ولقد شهدتُ الخيلَ وهي مُغيرةٌ
في سَرْجِ أدهم بالظلامِ مسربلِ
ضخم المناكبِ شيظمٍ عبلِ الشَّوى
نَهدٍ مراكله أغرَّ مُحجَّل
وكأنه وطئَ الصباحَ وقد بَدا
في وجهه كالكواكب المتهلّلِ
شهمٍ أجشَّ الصوتِ محبوكِ القَرى
عردِ النَّسا سامٍ عمرَّدَ هيكل
سِلم الشَّظا قد أشرقت حُجُباته
ذي مَيعهٍ زلقِ القَطاةِ مجَلَّلِ
صافي الأديمِ كأنَّ صهوةَ مَتنِه
تحت الكميِ أرندجٌ لم يُنعلِ
يطأ الحجارَ بمثلها فيرَّضها
بملاطِسٍ صُمٍ كمثل الجَندلِ
يرقى ويطعن في الَّلِجام وينتحي
غربا وينصبُّ انصباب الأجدلِ
متضرمٌ كالنارِ من أشَرٍ به
وإذا جرى مثلَ الشَّهاب المرسلِ
سبّاحُ كالسّرحان في إرخائه
وتّابُ في تقريبه كالتَّتفُلِ
أعددتُه للِقا الكُماةِ وجُنَّةً
ومهنَّداً مثل الشهابِ المشعَلِ
لأشيدَ مجداً مُشمخّراً سمكُهُ
لم آلُ جهداً في بناه الأطولِ
حازَ الفَخارَ أبي وشيّدَ في العُلى
بيتاً يشقُّ على السَّماكِ الأعزلِ
فسلكتُ في طلبِ العُلى منهاجه
بتكرُّمٍ وتعمُّدٍ وتفضُّلِ
وأنا ابنُ من سادَ الملوك بأسْرها
من عهد غسّانَ المليكِ الأفضلِ
وأنا الذي شهدت له حُسَّاده
بالفضل إن لم تدرِ حقاً فاسأل
وأنا ابنُ نبهان وجدي تُبَّعٌ
ولنا من التفضيلِ ما لم يُجهلِ
خيرُ الملوكِ عناصراً ومآثراً
شُمُّ الأنوف من الطرازِ الأولِ
بَرَّ الإلهُ بنا فأنزل مدحنا
بالنصِ في آي الكتاب المُنزلِ