نَعم ساوَرَ الهمُّ الفؤاد فأبْهَرا
ولجَّ به البَين المشتُّ فأسْهرَا
وبانَ الذي ألوى بقلبك حبُّه
أتصبرُ أم لم تأنِ أن تتصبَّرا
علقتُ فتاةً كالوَذيلةِ كاعباً
بَرْهرَهةَ ريَّا الروادف عبَهرا
من القاصراتِ الطرفِ غنَّاءَ غادَةً
يُطيّبُ ريَّاها النَّصيفَ المُعصفرا
إذا نظرت شاهدتَ بالرّملِ فَرقداً
أو التفتت عاَينت ريماً مُذَّعرا
لها بشرٌ لو باشرَ الوردُ بعضَه
بناعمةٍ بلْهَ الرياضَ لأثَّرا
ووجهُ إذا ما قابلتْ وهي سافرٌ
به الشمسَ خَلِناهُ من الشمسِ أنورا
وجيٌد كجيدِ العوهجِ الخاذِل انتحت
جبالَ الغَضى ترعى عَراراً ونوفَرا
ونَهد كُحقِّ العاجِ أملسَ ناعمٍ
حَصَانٌ به صاك العبيرُ فعفَّرا
وصدرٌ منير كالسَّجنجَل مشرق
ثَنا لونه الجادِيُّ بالنَّضْح أصفرا
وترخي على المَتنينِ أسحَمَ فِاحماً
غدائره يحملنَ مِسكاً وعنبرا
وتبسِمُ عن حُمّ المراكزِ نُصَّع
عذابِ يحاكين الأقاح المنوَّرا
وما قهوة صَهباءُ صرفٌ مِزاجها
مَعينٌ زُلالُ اللون ليس بأكدرا
ونَشْرُ يلَنجوجٍ يُعَلُّ بعنبرٍ
يخالطُ مِسكاً في الزجاجةِ أذفرا
بأطيبَ من فيها سُحيراً إذا هفَت
نجومُ الدجى بالغربِ والليلُ أدبرا
لهوتُ بها في خَفض عيشٍ ولذةٍ
وما خلتُ ذاك الدهر أن يتغَّيرا
ولمَّا تنادَوا للرحيل وقرَّبوا
أيانقَ يحملنَ السّجِافَ المخدَّرا
وقد رَاعني بالأمس أسحمُ ناعِبٌ
غدا ناعقاً فازددتُ منه تطيُّرا
ولمَّا رأيتُ البيَن قد جَدَّ جدُّه
وأني مُقيمُ الرحل مع من تعذَّرا
بكيتُ بكاءً لو بكي صخرُ تدمُرٍ
كمعشارِه عوَّلتُ أن يتدَّمرا
فدعْ ذا وسلِ الهمَّ عنكَ ببازلٍ
وسوجٍ إذا اليومُ المؤجّجُ هَّجرا
من الشَّعْشَعاناتِ الحَراجيج تامكٍ
قمطرٍ إذا عرَّضته الوخد جَرجرا
عليهِ فتىّ من آلِ كهلانَ ماجد
حوى سودَد أضخماً وعزاً ومفخرا
سليلُ ملوكٍ من عَرانينِ يَعربٍ
بها ليلَ كسرى قد أذَلُّوا وقيصرا
هو المُنزلُ الأعداءِ من بعدِ عزَّهم
منازلَ لا يرضى بها الضَّبُ مَجحرا
هو المُلْبِسُ الليثَ المُهابُ زَئيره
نسيجين من ذلّ ٍرداءً ومِئزرا
هو القائدُ الجُرد الخَناذيذَ للعِدَى
قواحل شُعثاً كالسَّراحين ضَّمرا
صَدوعٌ بعزمٍ ثاقبٍ وبهّمةٍ
ورأيٍ يُريهُ مُضْمَرَ الغيبِ مُظهَرا
ألم ترَ أن اللهَ أعطاهُ سورةً
وعزاً على كل الملوك مُؤزَّرَا
نماهُ إلى العلياءِ عمرٌ وعامرٌ
فبوركَ عيصاً لا يُشَابُ ومَفْخَرا
أولئكَ أربابُ الخلافةِ والعُلى
وأشرفُ من قد حازَ أمراً وأمَّرَا
فمن يكُ عنا أيها الناُس سَائلاً
فإنا ملوكُ الناسِ من آلِ حِمْيَرا
حَللنا مَقاماً تقصُر الشُّهبُ دونه
ونرجو على ما دونه الشَّهبُ مظهرا