أللِدَّارِ من أكنافِ قَوٍ فَعَرعرِ
فجبتُ النَّقا بطن الصّفا فالمشَّقرِ
كأن سطوراً مُعجماتٍ رسومُها
إذا لُحسنَ أو هَلهالُ بردٍ محبَّرِ
تُساقطَ من عينيكَ دمعكَ واكفاً
كما استنّ مُنْبَت الجُمانِ المشذَّرِ
نعم عرصاتٌ غَّير الدهرُ حسنها
وصرفُ الزمان مولعٌ بالتغُّيرِ
أرَبَّت بها الأرواحُ يَنسجْنَ فوقها
ملاءآت موَّارٍ من المور أكدرِ
ومُسحنفرٍ هامٍ كأن هزيزه
مهاييجُ ذَوْدِ الجّلة المتهدّرِ
يَكُبُّ الأراوي العصم خيشوم ودْقه
لأوجهها من كل أسلمَ أوعرِ
فلم يُبق منهات غير سُفعٍ جَوَاثمٍ
ومكهوْهبٍ جَوْنٍ ونؤْي مدْعثرِ
معالمُ قومٍ يتحرونَ لضيفهم
صَفايا مَتال مكَرماتِ وعُقرِ
أقاموا بها شهريْ ربيعٍ وأصبحوا
يديرون رأىَ الحازم المتحِّيرِ
وردُّوا إلى الأكوار كلَّ شمردلٍ
منيفِ السَّراة أعْيسِ اللون أزْهر
نَزيعا كسته الشوْل ثوباً مردَّعاً
من النَّضْح كالماءِ الذعاف المحمّر
وكانوا البدور في الخُدور وأجمعوا
على رأى مِغيارٍ مَهيبٍ عَذوّر
كأنّ الحُدوجَ الرائحات عشيةً
مواقرُ نخلٍ من شمائلَ مبسرِ
وفيهن بيضاء المجرِّد طَفلةٌ
لطيفةٌ طيّ الكشحِ رَيّا المؤزّرِ
عقيلةُ بيضٍ من خرائد يَعربٍ
حللنَ السَّنامَ الضخمَ من متن حمير
رَعَوا ما تحالى رَعيُه ثم عرّجوا
لأرضٍ زَهاءٍ ذات نخلٍ وأنهرِ
وعاذلةٍ هبَّتْ عليَّ تلومني
ومن يَكُ ذا همٍ بما رام يسهرِ
تلومُ على أن أبذلَ المالَ كله
وتزعمُ أن الجودَ بابُ التفقُّر
وإن اسبقَ الشُّوسَ البهاليلَ في الوغى
على نهب نفس الشّمِرىّ الغضنفرِ
أعاذِلَ أن الجود لا ُيهلكُ الفتى
ولا يخلدُ الإمساكَ غير معمَّرِ
أعاذِلَ من لم يَفْنَ بالسيفِ لم يمت
لدى الذلّ إلا موتَ فَقَعٍ بقَرقرِ
ألم تسألي كي تُخَبري عن مناقبي
وفضلي ومن يسأل عن المرءِ يُخبرِ
أعاذلَ إن المجدَ فينا إراثةٌ
يؤرِثه منا كبيرٌ لأكبرِ
مراتبُ عِزّ مشَخمِر بناؤها
وموردُ فَخرٍ نيطَ منه بمصدر
سَبا سَبأ جدي نساءَ مَعاشِر
وسمي به فاقنيْ حياءكَ واعذري
وحارثنا راشَ الأنامَ بفضله
وراضَ الملوكَ بالعَديد المجمهرِ
وحارثةُ البطريقُ منا ومازنٌ
أبو الخيرِ زادُ الركب كنزٌ لمقتر
وإبراهَةٌ ربُّ المنارِ ونجلهُ
أخو التَّاج رامي كل حّيٍ بُمذِعرِ
أولئكَ آبائي الذين هُم هُم
لبابُ لبابِ الجوهرِ المتخَّيرِ
مَطاعينُ في الهيجَا مطاعيم للِقرى
مكاشيف همَّ الطارقِ المتِّنور
لباسُهم من نَسج داود أدرُعٌ
سوابغ تلوي بالحُسام المذكَّر
ملكنا رقابَ الناسِ بالبأسِ والندى
فدانَ لنا مخضوضَعاً كلُّ مَعشرِ
حرقنا تميما في أوارات بعدما
تبين منهم نخوةُ المتجَّبرِ
تركنا بواديهمْ تَبوُء بذلةٍ
فتُصرعُ في ذاكَ الحريق المسعَّرِ
وفرسانُ تيمٍ قد هتكنا عُروشَهم
بفاقرةٍ رَقماءَ أمِّ حَبوكرِ
صَبَحنا سَليماً غُدوةً في ديارها
بكاسِ حمامٍ في الوقَيعة أحمر
ورُبَّ ملوكٍ في نزارٍ أعزةٍ
هشَمناهمُ هُشَمْ الثريدِ المكسَّر
ونحنُ سَقيْنَا يومَ بدرٍ رماحَنا
نجيعَ قريشٍ واليهودِ بخَيبرِ
تركنا سباعَ الجوّ يقضمنَ منهمُ
مَعاصِمَ لمُ يُبسطنَ ذلاًّ لمجتري
ويومَ حُنينٍ أيَّدَ اللهُ دينهُ
بنا إذ دَلفنا بالقَنا والسَّنورِ
وَطئناهم بالأعوَجيةِ وَطأةً
بخيلِ الَمذاكي والقَنا المتكسّرِ
همطنا عديّاً هَمْطةً يمنيةً
خَلطنا بها مُنهاضَهم بالمجَّبرِ
وأبناءُ سَاداتٍ كرامٍ ونسوةٍ
خِرادٍ كآرامِ الِلوى فمحجّرِ
وخيلٍ وآبّالٍ كأنَّ ظهورَها
تُعالى بسودٍ من طماطِمِ بربرِ
ونحن ملكنا الجنتينِ بمأرَبٍ
ودُسنا برغمِ أنَف كسرى وقيصرِ
فَتكنا بهم فتكَ الذئابِ عَشَّيةً
بمعزِ الحَجارى في البَياتِ الِموَّعرِ
ونحن بناةُ المجد بمجدِنا
بني قَيذرٍ تخبركَ أبناءُ قيذرِ
إذا ما نهضنا طَالبي مَحق بَلدةٍ
نَسفنا ثَراها من جُيوشٍ بصرصر
فلم ينجُ منا في المفاوزِ هاربٌ
ولم يخلُ من أسمائنا عُودُ منبرِ
بني عامرٌ ماءُ السماءِ ومالكٌ
لنا بيتَ عِزٍ من تَعاطاه يقصرِ
وكيكربٌ منا وغطريفُ يشجبٍ
وغسّانُ ذو التاج العظيمِ المجوهرِ
لنا النسبُ الأسنى الأغرُّ الذي له
لوامعُ تغشى مُقلتيْ كل مبصرِ
ونحن الكرامُ المنِعمون إذا قسا
على الناس رَيْبٌ قسوة المتجبرِ
وأهلُ المساعي والمراتب والعُلى
وبذلُ الجزيلِ والنّجارِ المطهَّرِ
فمن للندى والباس بعديَ والوفا
وطعنِ الكلى في الموقفِ المتعذّرِ
ومَيْطِ الهمومِ الكارثاتِ ودفعها
وإِنزالها بالأبذَخِ المتغشمرِ
لنا الفَرعُ فرعُ العزّ في عيصِ دوحةٍ
من المجدِ عُلَّت من فخارٍ بكوثرِ
مُلوكٌ مُلوكٌ من يَمانَ مَقاولٌ
كرامُ المساعي فضلهم غير مُنكرِ
لُيوثٌ وأطوادٌ قُرومٌ وأبحرٌ
وفرسانُ حرب ذللَّوا كل مجحرِ
]=