يا دارَ رايةَ أبلى ثوبَ جِدَّتها
تقادُمُ العهدِ والأرواحُ والمطرُ
صافت تُناوِحُ فيها كلُّ ساهِكةِ
نكباءُ عُثنونُها مُستحصب كدِرُ
حتى كأنَّ بقيَّاتِ الرسومِ بها
وشَمٌ بمعصم ذاتِ الطوقِ أوزُبرَ
أقضى مَلائحها التَّفريقَ فارتبعت
فيها النقانقُ والآرامُ والبقرُ
كانت بها الجُردُ والأذوادُ ثم بها
ألوَى الزمانُ فلا خيلٌ ولا عكرُ
وقد نحِلُّ بها والشملُ مجتمعٌ
والعيشُ لا رَنقٌ فيه ولا كدَرُ
بيضٌ كواعبُ أترابُ يرنّحُها
روقُ الشبابِ وماءُ الدَّلّ والخَفَرُ
أترابُ رَاية إذ لا قوُمها شحطوا
عنا ولا حبلُ ذاكَ الوصل منبترُ
غَرثى الوشاحين شَبعى الِمرْط خرعبةٌ
غَيْدَاءُ ماشانَها طولٌ ولا قصَرٌ
إذا تثَّنت ولاحت وهي سافرةٌ
حارَ القضيبُ وحارَ الدّعصُ والقمر
تَهوى الغزالةُ منها حسن مَبسمها
ويُعجب الظبيَ منها الجيدُ والحوَرُ
كأنَّ أنيابَها وَهْناً حَصى بَرَدٍ
أو أُقحوانُ سقاه طلَّه الحَدرُ
يضُوعُ من خدرها أمَّا نَفاحتُها
مسكٌ وعودٌ ولا مسكٌ ولا قَطِرُ
صدَّت فبانت وحالَ العهدُ وانعرجت
فنافت الوصلَ حتى زَوْرُها عسرُ
أنا الذي ليس في مَنْشأ أرومتهِ
شَوْبٌ يريبُ ولا في عوده خوَرُ
ولا يكذّبِه أمر يحاوله
وليسَ في شأِوه عن غايةٍ قِصَرُ
إني لمن مَعشرٍ ماضيمَ جارُهُمُ
يوماً ولا نقضوا عهداً ولا غَدروا
شُمُّ المعاطس وفّاؤن إِن وعدوا
يومَ العطاءِ ويعفُونَ إذا قدروا
لا يجزعونَ إذا لم يُنصروا أسَفاً
يوماً ولا يرتدونَ العُجبَ إن نُصروا
إذا دُعُوا لُملِمٍّ فادحٍ وثبوا
وإن أُتيح عليهم كارث صبروا
بَني لهم جدُّهم قحطانُ بيتَ عُليّ
تنحطُّ عن ذرْوتيه الأنجمُ الُّزهرُ
كم مُجحرٍ بالمَواضي البيضِ قد قَتلوا
وماِلكٍ قاهرٍ سَادوه أو أسروا
وكم تركنا غداةَ الرَّوْعِ من بطلٍ
ولحمه لسَرَاحينِ الفلا جَزَرُ
دَانت لنا تغلبُ العَلياء وانخضعت
بكرُ بن واِئلَ وانقادت لنا مُضرُ
أبْلِغ نزاراً وخيرُ القولِ أصدقُه
والقولُ ينفُذُ مالا تنفذُ الإبرُ
إن تفخروا برسولِ اللهِ إنَّ لنا
به كأضعافِ ما أشياخُكم فخروا
طردتموه فآوَيناه وانبعثت
منكم كتائبُ تبغي حرَبه جَوَرُ
قصدَّكم عنه منا مَعشرٌ أْنُفٌ
بيضٌ قلامسُ مهما حاربوا ظفروا
أتَطردون نبيّاً بينَ أظْهُركم
ببعِثه جاءتِ الآياتُ والسُّوَرُ
ساورتموه وُسمر الخَطِ ًمُشرَعةٌ
والبيضُ تُرفضُّ من أطرافها الشررُ
ذُدناكم عنه بالأسيافِ مُصْلَتَةً
حتى استمرَّت له في يَثربٍ مِرَرُ
حتى أتى مدحُنا في الذّكِر مشتهِراً
وأيُّ مَدحٍ كذا في الذكرِ مشتهرُ
كم بينَ من حاربوه أو له طَردوا
وبين قومٍ هم آوُوه أو نَصروا
وكم لنا قبلَ هذا المجد من شرفٍ
وسُؤدَدٍ أطْرقَت صِغراً له البشرُ
مَهلاً فنحن سَراة القومِ كلَّهمِ
وما أضيفَ إلينا فهو محتقرُ
بَني لنا اللُه عزاً لا يُباذِخُه
عزٌّ وإن لم تنله الشّمسُ والقمرُ
وليسَ يَعلو مَن الرَّحمنُ خافضُه
وليس يُدرَك ما لا يُسعِد القَدَرُ